روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | التويتر والفيسبوك بين الضرورة العصرية والمخالفات الشرعية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > التويتر والفيسبوك بين الضرورة العصرية والمخالفات الشرعية


  التويتر والفيسبوك بين الضرورة العصرية والمخالفات الشرعية
     عدد مرات المشاهدة: 4234        عدد مرات الإرسال: 0

بسم الله الرحمن الرحيم.

لا ريب أن هذا العصر عصر الثورة المعلوماتية، مدّ حبال الصلة بين الناس، وقطع ما بينهم من مسافات، وسهّل نشر العلوم والثقافات، فوجدت الفتاة فيه مجالاً خصباً للمشاركة في البحث والتعليم عن بعد، ونشر المعرفة من خلال نشر المقالات، وإدارة الحوارات ونحو ذلك.

فهي الآن تشارك في الطرح والكتابة عبر المواقع الإجتماعية الفيسبوك، والتويتر وغيرها، ولا بد من الإشادة هنا بالأقلام النسائية الراقية التي إنتفع منها الكثير، مغدقة القراء بالعلم النمير، والفكر المستنير، ومع ذلك كله إلا أنه يوجد في صفو تلك المشاركات ما يعكره، فكان من الواجب الإشارة لبعض الأمور وبيان المكدرات فيها، ومن ذلك:

1= الأحاديث بين الجنسين:

إن الأصل في محادثة المرأة للرجل والعكس أن لا يكون ذلك إلا لحاجة، فإن لم يكن ثمّ حاجة منعت، ويدل على ذلك قوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب} [الأحزاب:53].

قال ابن العربي في تفسيره: وهذا يدل على أن الله أذن في مساءلتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتى فيها.

وقد نص الفقهاء رحمهم الله على المنع من التكلم مع المرأة الشابة خشية الفتنة، ما لم تكن هناك ضرورة أو حاجة، فقال صاحب بريقة محمودية: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة.

كما نصوا على حرمة إبتداء الشابة الرجل الأجنبي بالسلام، وكذا ردها عليه، قال صاحب كشاف القناع: وإن سلم الرجل عليها -أي على الشابة- لم ترده دفعاً للمفسدة، وعللوا ذلك بأن ردها عليه أو إبتداءها له يجعل له فيها مطمعاً.

ونصوا أيضاً على أنه لا يشرع لها تشميت العاطس من الرجال الأجانب، ولا يشمتها هو، فقد ذكر ابن الجوزي في أحكام النساء أن رجلاً كان عند الإمام أحمد، فعطست امرأة الإمام أحمد، فقال لها العابد: يرحمك الله، فقال الإمام أحمد: عابد جاهل.

بل وأكثر من ذلك كره الفقهاء للرجل أن يعزي المرأة الشابة عند موت قريب لها مالم تكن من محارمه، سداً لباب الفتنة، ودفعاً للمفسدة، فتعزية الرجل للمرأة أو العكس قد يكون فيه مدخل للشيطان، ولهذا نص العلماء على أن الرجل لا يعزي المرأة الشابة إلا أن تكون من محارمه. وأما المرأة كبيرة السن، فقد رخص في تعزيتها بعض العلماء، لأنها ليست كالشابة في خشية حصول الفتنة بها، ومع ذلك: فالأفضل ترك تعزيتها أيضاً، جاء في -الغرر البهية: لا يعزي الشابة من الرجال إلا محارمها وزوجها.

وفي حاشية ابن عابدين رحمه الله: قال في شرح المنية: وتستحب التعزية للرجال والنساء اللاتي لا يفتن...

وقال سحنون رحمه الله في مواهب الجليل: ولا تعزى المرأة الشابة وتعزى المتجالة -كبيرة السن- وتركه أحسن.

وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني: لا يعزي الرجلُ الأجنبي شواب النساء مخافة الفتنة.

ولا يخفى أن التعزية تكون في حالٍ من تألُّم النفس وإنقباضها، وذلك كفيل بأن يشغل المرء عن التفكير في الشهوات التافهة، فكيف بغير تلك الحال؟!

فهذا بيان بأن الحديث بين الطرفين إنما يشرع للحاجة، ومتى شُرع فإنه لابد أن يكون قولاً فصلاً لا خضوع فيه كما قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً} [الأحزاب:32]. قال الطبري في تفسيره: خضوع القول، ما يكره من قول النساء للرجال مما يدخل قلوب الرجال، وقال القرطبي في تفسيره: أَمَرَهُنَّ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُنَّ جَزْلًا وَكَلَامُهُنَّ فَصْلًا، وَلَا يَكُونُ عَلَى وَجْهٍ يُظْهِرُ فِي الْقَلْبِ عَلَاقَةً بِمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّينِ، أي يكون كلامهن مختصراً قدر ما يفي بالحاجة، بيناً واضحاً يفصل بين الحق والريبة، ولا يكون على وجه يحدث في قلب الرجل شيئاً، فيطمع فيها.

فلابد أن تعلم الفتاة أن حديثها له أثر على الرجال، لا يقل خطراً عن النظر المحرم إليها، ومصداق ذلك ما جاء من تغزل بعض الشعراء بقوله:

يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة *** والأذن تعشق قبل العين أحياناً

قالوا لمن لا ترى تهوى فقلت لهم *** الأذن كالعين توفي القلب ما كانا

وقديماً كان يقال: الحب أوله السماع ثم النظر، كما أن أول الحريق الدخان ثم الشرر، فحديثها مع الرجل وإن كان كتابة فهو محفوف بالمخاطر، ويخشى عليه وعليها الفتنة، لأن النفوس البشرية قد جبلت على حب من كثرت محادثته ومباسطته، كما أن كثرة المساس تذيب الإحساس، يضاف إلى ذلك أن الإنسان عندما يتعامل مع الشخص الذي يراه فإن الحواس تستحي، أما إذا كان لا يراه فإن ذلك مظنة جرأة أكثر، فيخشى أن يكون ما يحدث بين الشباب والفتيات من محادثة عبر الإنترنت تحت غطاء الدعوة إلى الله أو التذكير بالله أو المناقشات العلمية بريداً إلى ما لا يرضي الله تعالى، ذلك أن للحديث إنعكاسات خطيرة تتسلل إلى النفس مع نزعات إبليس، وخطواته الخفية التي حذر الله تعالى منها بقوله: {لا تتبعوا خطوات الشيطان} [البقرة:168] فيجب تجنبها.

فيتلخص مما تقدم ضرورة انضباط حديث الأجنبية مع الأجنبي، أو العكس بالحاجة، وفي حدود ضيقة، وفي دائرة القول المعروف، فإن في ذلك قياماً بالمأمور، ودرءاً للمحظور، وصيانة للمجتمع، وسداً لباب الفتنة.

2= حديث الفتاة عن يومياتها، وتصوير حياتها لمن يقرأ، ووضع صورٍ لبعض متاعها كسريرها أو هدية قدمت لها ونحو ذلك:

إن الخيال قد يكون أحياناً أقوى في إثارة الشهوات من العيان، والقرآن يغلق الطريق إلى ذلك كله بقوله تعالى: {ليعلم ما يخفين من زينتهن} [النور:31] . قال ابن عاشور عند تفسير هذه الآية: وهذا يقتضي النهي عن كل ما من شأنه أن يذكر الرجل بلهو النساء، ويثير منه إليهن من كل ما يرى أو يسمع.

وقد تحتقر الفتاة مثل هذه الأمور، وتستبعد إثارتها شيء في نفس الرجل، وقد ورد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ، فَقَالَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟» قَالَ: رَأَيْت خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ، قَالَ: «فَلَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ. فلو تأملت الفتاة الحديث لوجدت الزوج فتن بزوجته لا بامرأة أجنبية، وما الذي فتنه وحمله على الوقوع عليها وقد ظاهرها قبل التكفير؟ خلخالها في ضوء القمر، وأين موضع الخلخال من امرأته؟ موضعه القدم!

إن فتنة النساء من أعظم الفتن وأكثرها خطراً وضرراً، كما ورد في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء».

وروى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإتقوا الدنيا وإتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء».

3= إضافة حساب المنشدين والممثلين ومتابعة تغريداتهم:

إضافة الفتاة لحساب منشد أو ممثل لا يخلو من أمرين: إما أن تتابع ما يكتب دون أن تتحدث معه، أو تتابع وتتحدث معه، فإن كان الأول فإن النفس ضعيفة، كما قال تعالى بعد أن بيّن ما أحل لعباده من الزوجات والإماء وما حرم عليهم: {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً} [النساء:28] نعم ضعيف! لا يصبر تجاه العاطفة، فعلام تعرض الفتاة نفسها للتعلق برجل والإفتتان به؟ قال ابن الجوزي: وقد يتعرض الإنسان بأسباب العشق، فيعشق، فإنه قد يرى الشخص، فلا توجب رؤيته محبته، فيديم النظر والمخالطة، فيقع فيما لم يكن بحسابه. وهكذا الفتاة قد ترى المنشد أو الممثل فلا توجب رؤيته شيئاً في نفسها، فتديم متابعة ما يكتب، فتقع فيما لم يكن بحسابها.

فإن لم يحدث التعلق به فأي فائدة ترجى من ذلك غير إتباع هوى النفس؟ وقد شبه سبحانه من إتبع الهوى بأردأ الحيوانات صورة ومعنى، فقال تعالى: {ولكنه أخلد إلى الأرض وإتبع هواه فمثله كمثل الكلب} [الأعراف:176]، فعلى الفتاة العاقلة أن تتفكر في أنها لم تخلق لإتباع الهوى، بل لأمر عظيم لا تناله إلا بمعصية هواها، كما قيل:

قد هيؤوك لأمر لو فطنت له *** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

وإن كان الثاني وتحدثت معه، فقد مدت يدها لفتح باب من الفتنة قد يصعب عليها إيصاده.

4= إضافة معرف لإحدى الزميلات، والثناء عليها ووصفها بصفات شخصية أو خلقية:

ورد في الحديث الصحيح «لَا تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، حَتَّى تَصِفَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا». وإنما نهي عن ذلك، لئلا َيتَعَلَّق قلب الرجل بهَا فيَقَع الافتتان بالموصوفة.

ولا يخفى أن الحديث في المواقع الإجتماعية كالتويتر والفيسبوك عن مثل هذه الأمور داخل في هذا النهي متى ما كان في القائمة المضافة رجال أجانب يطلعون على ما ينشر.

5= الصور الرمزية:

لكل من يكتب في المواقع الإجتماعية صورة رمزية، وصورة الفتاة الرمزية ما هي إلا دليل على شخصيتها، والفكر الذي تنتمي إليه، فغالباً ما تكون الصورة الرمزية تعبير عما في نفس الفتاة، فهي حقيقة همسات القلوب، وإليك هذه المعادلة:

إسمك + صورتك الرمزية + خانة التعريف بالنفس = شخصيتك

ولن يكون الحديث هنا عن صور النساء المتبرجات أو شبه العاريات، لأني على يقين من أن فتياتنا الواعيات بعيدات كل البعد عن ذلك، ولكن الحديث سيكون عن بعض الصور الرمزية التي تتهاون في وضعها بعض الفتيات كقلوب الحب، وصور فتيات مرسومة، ولو كانت من شخصيات الرسوم المتحركة، فما سبب وضع مثل هذه الصور؟ حقيقة لن يتجاوز السبب أحد أمرين: جمال الصورة، أو جذب القراء لها.

فإن كان السبب جمالها، ففي الصور الجميلة التي لا تحرك ساكن نفس الرجل ما يغني عن ذلك، وإن كان لجذب القراء لها وفيهم الرجال، فقد جمعت بين سوء القصد وسوء الفعل، فإن الرجل يقيّم المتحدثة من خلال هذه الصورة، وقد صرح بعض الرجال بأن رده على الفتاة يكون على حسب الصورة، فإن كانت الصورة جذابة فرده سيكون إيجابياً، والعكس صحيح.

6= نقل ما قيل وقال دون تثبت:

والحديث عن هذا على فروع ثلاثة:

¤ الأول: نقل الأحاديث المكذوبة أو الضعيفة، وفي الحديث الصحيح «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».

¤ الثاني: نقل الفتوى دون مصدر صحيح، وقد قال تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} [النحل:116].

¤ والثالث: نقل الأخبار التي تثير الفتن، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» حديث صحيح، وأثنى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح على من يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ، كما أن ذلك مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» حديث صحيح.

فعلى الفتاة أن تتحرى في كلامها وتتقي الله عز وجل فيما تنقل، وتترك سياسة الإمعة، وسياسة النسخ واللصق دون تحري.

7= الحديث في الحلال والحرام دون علم:

قد تدخل الفتاة في نقاشات علمية في المواقع الإجتماعية، والجميع فيها يدلي بدلوه، فتتجرأ على التحريم أو التحليل من وجهة نظرها أثناء النقاش، فلتعلم الفتاة أن من أطلق لنفسه العنان في الحديث بالحلال والحرام مثله كمثل الذي أفتى، ولتتأمل قوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر كل أولئك كان عنه مسئولاً} [الإسراء:36]، وقوله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون} [النحل:116]

وختاماً أسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه.

الكاتب: عبير المديفر.

المصدر: موقع صيد الفوائد.